كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال في كتاب الصراط المستقيم‏:‏ لم يثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فضل رجب إلا خبر كان إذا دخل رجب قال‏:‏ اللّهم بارك لنا في رجب ولم يثبت غيره بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم كذب وقال النووي‏:‏ لم يثبت في صوم رجب ندب ولا نهي بعينه ولكن أصل الصوم مندوب‏.‏

- ‏(‏أبو الفتح بن الفوارس في أماليه عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ حديث ضعيف جداً هو من مرسلات الحسن رويناه في كتاب الترغيب والترهيب للأصفهاني ومرسلات الحسن لا شيء عند أهل الحديث ولا يصح في فضل رجب حديث اهـ‏.‏ وكلام المؤلف كالصريح في أنه لم يره مسنداً وإلا لما عدل لرواية إرساله وهو عجيب فقد خرجه الديلمي في مسند الفردوس من طرق ثلاث وابن نصر وغيرهما من حديث أنس باللفظ المزبور بعينه‏.‏

4412 - ‏(‏رحم اللّه أبا بكر‏)‏ إنشاء بلفظ الخبر أي بجاه وأنعم عليه في الدارين ‏(‏زوجني ابنته‏)‏ عائشة ‏(‏وحملني إلى دار الهجرة‏)‏ المدينة على ناقة له ‏(‏وأعتق بلالاً من ماله‏)‏ لما رآه يعذب في اللّه عذاباً شديداً ‏(‏وما نفعني مال في الإسلام‏)‏ لعل المراد به في نصرته ‏(‏ما نفعني مال أبي بكر‏)‏‏[‏فيه من الأخلاق الحسان شكر المنعم على الإحسان والدعاء له مع التوكل وصفاء التوحيد وقطع النظر عن الأغيار ورؤية النعم من المنعم الجبار‏]‏ روى ابن عساكر أنه أسلم وله أربعون ألف دينار وفي رواية أربعون ألف درهم فأنفقها عليه ولا يعارضه حديث البخاري أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يأخذ منه الراحلة إلى الهجرة إلا بالثمن لاحتمال أنه أبرأه منه وفي رواية أنه أبراه منه وفي رواية أنه لما قال انفعني إلخ بكى أبو بكر وقال‏:‏ هل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه‏.‏ قال ابن المسيب‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه وقد فسر ‏[‏ص 19‏]‏ قوله سبحانه ‏{‏وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏ بأن المراد منه أبو بكر قال في القوارف وغيره‏:‏ ومن هنا عد الصوفية في الأخلاق شكر المحسن على الإحسان والدعاء له مع كمال توحيدهم وقطعهم النظر عن الأغيار ومشاهدتهم النعم من المنعم الجبار لكن يفعلونه اقتداء بسيدهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فإذا ارتقى الصوفي إلى ذروة التوحيد شكر الخلق بعد شكر الحق ويثبت لهم وجوداً في المنع والعطاء بعد أن يرى المسبب أولاً ولسعة علمه لا يحجبه الخلق عن الحق وفي النوادر عن بعضهم أدخلت صوفياً منزلي فقدمت له لبناً وسكراً فتناوله وقال‏:‏ نحمد اللّه لا نحمدك فوضعت رجلي على عنقه فأخرجته ورجعت أكلته مع أهلي ‏(‏رحم اللّه عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏يقول الحق ولو كان مراً‏[‏أي كريهاً عظيم المشقة على قائله ككراهة مذاق الشيء‏]‏‏)‏ فكان لا يخاف في اللّه لومة لائم ومن ثمة قال‏:‏ ‏(‏لقد تركه الحق‏)‏ أي قول الحق والعمل به ‏(‏وما له من صديق‏)‏ لعدم انقياد أكثر الخلق للحق ونفرتهم ممن يتصلب فيه ومن يلتزم النصح قل أولياؤه فإن الغالب على الناس اتباع الهوى قال بعض العارفين‏:‏ لما لزمت النصح والتحقيق لم يتركا ليّ في الوجود صديقاً ‏(‏رحم اللّه عثمان‏)‏ بن عفان ‏(‏تستحيه الملائكة‏)‏ أي تستحيي منه وكان أحيى هذه الأمة ‏(‏وجهز جيش العسرة‏)‏ من خالص ماله بما منه ألف بعير بأقتابها والمراد به تبوك كما في البخاري في المغازي ‏(‏وزاد في مسجدنا‏)‏ مسجد المدينة ‏(‏حتى وسعنا‏)‏ فإنه لما كثر المسلمون ضاق عليهم فصرف عليه عثمان حتى وسعه ‏(‏رحم اللّه علياً‏)‏ ابن أبي طالب ‏(‏اللّهم أدر الحق معه حيث دار‏)‏ ومن ثم كان أقضى الصحابة وأفاد ندب شكر المحسن والاعتراف له في الملأ والمحافل والمجامع وليس ذلك تنقيصاً لقدر الشاكر بل تعظيماً له لظهور اتصافه بالإنصاف والمكافأة بالجميل‏.‏

- ‏(‏ت عن علي‏)‏ أمير المؤمنين رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فقد أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ هذا الحديث يعرف بمختار قال البخاري‏:‏ هو منكر الحديث وقال ابن حبان‏:‏ يأتي بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه يتعمدها اهـ‏.‏ وفي الميزان‏:‏ مختار بن نافع منكر الحديث جداً ثم أورد من مناكيره هذا الخبر‏.‏

4413 - ‏(‏رحم اللّه‏)‏ عبد اللّه ‏(‏بن رواحة‏)‏ بفتح الراء والواو والمهملة مخففاً البدري الخزرجي تبعهم ليلة العقبة وهو أول خارج إلى الغزو استشهد في غزوة مؤتة ‏(‏كان حيثما أدركته الصلاة‏)‏ وهو سائر على بعيره ‏(‏أناخ‏)‏ بعيره وصلى محافظة على أدائها أول وقتها‏[‏وفيه أن يسن تعجيل الصلاة أول وقتها‏]‏ فإن صلى فرضاً على الدابة وهي سائرة لم يصح وإن كانت واقفة وأتم الأركان صح لكن نزوله وصلاته على الأرض حيث أمكن أفضل فلذلك آثره هذا الصحابي الجليل‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه همام بن نافع الصنعاني قال في الميزان عن العقيلي‏:‏ حديث غير محفوظ وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور وزاد الإخوة ولفظه رحم اللّه أخي عبد اللّه بن رواحة كان أينما أدركته الصلاة أناخ قال الهيثمي‏:‏ إسناد حسن انتهى‏.‏ فاقتصار المصنف على ابن عساكر من ضيق العطن‏.‏

4414 - ‏(‏رحم اللّه قسّاً‏[‏وفيه أن يسن تعجيل الصلاة أول وقتها‏]‏‏)‏ قيل‏:‏ يا رسول اللّه تترحم على قس‏؟‏ قال‏:‏ نعم إنه ‏(‏كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ الخليل وورد من طرق عن ابن عباس قدم وفد عبد القيس على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ أيكم يعرف القس بن ساعدة ‏[‏ص 20‏]‏ الأيادي قالوا‏:‏ كلنا قال‏:‏ فما فعل قالوا‏:‏ هلك قال‏:‏ ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر يقول‏:‏ أيها الناس من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبراً، وإن في الأرض لعبراً، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، أقسم قسّ قسماً حتماً، لئن كان في الأمر رضى ليكونن سخطاً، إن اللّه لديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فقاموا، أم تركوا فناموا‏؟‏ زاد في رواية أين الآباء والأجداد، أين المريض والعواد، أين الفراعنة الشداد، أين من بنا وشيّد، وزخرف ونجّد، وغرّه المال والولد، أين من بغى وطغا، وجمع وأوعى، وقال أنا ربكم الأعلى، ألم يكونوا أكثر منكم مالاً، وأطول آجالاً، وأبعد آمالاً، طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله، فتلك عظامهم بالية، وبيوتهم خاوية عمرتها الذئاب العاوية، كلا بل هو الواحد المعبود، ليس بوالد ولا مولود، اهـ، وفي السيرة اليعمرية وغيرها أن سبب الحديث أن رجلاً أخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنه ضلت له ضالة فطلبها فرأى قسّاً في ظل شجرة فسلم فرد فإذا هو بعين خوارة، في أرض خوارة في مسجد بين قبرين وأسدين عظيمين فإذا سبق أحدهما للماء فتبعه الآخر ضربه بقضيب بيده وقال‏:‏ ارجع حتى يشرب من قبلك فقلت‏:‏ ما هذان العبران قال‏:‏ أخوان لي كانا يعبدان اللّه لا يشركان به فأدركهما الموت فقبرتهما وها أنا بين قيريهما حتى ألحق بهما ثم نظر إليهما فتغرغرت عيناه بالدموع فانكب عليهما يقول‏:‏

خليلي هبا طالما قد رقدتما * أجدّكما لا تقضيان كراكما

ألم تريا أني بسمعان مفرد * وما لي فيها من خليل سواكما

مقيم على قبريكما لست بارحا * طوال الليالي أو يجيب صداكما

أيكفيكما طول الحياة وما الذي * يرد على ذي لوعة إن بكاكما

أمن طول نوم لا تجيبان داعيا * كأن الذي يسقي العقار سقاكما

فإنكما والموت أقرب غائب * بروحي في قبريكما قد أتاكما

فلو جعلت نفس لنفس وقاية * لجدت بنفسي أن تكون فداكما

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ رحم اللّه قساً إلخ‏.‏ قال الحافظ في البيان‏:‏ إن لقس وقومه فضيلة ليست لأحد من العرب لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم روى كلامه وموقفه على جمله بعكاظ وعظته وعجب من حسن كلامه وأظهر تصويبه وهذا شرف تعجز عنه الأماني وتنقطع دونه الآمال‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن غالب بن أبحر‏)‏ بموحدة وجيم وزن أحمد ويقال غالب بن دلج بكسر الدال وبتحتية ثم معجمة المزني صحابي له حديث نزل الكوفة قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثفات‏.‏

4415 - ‏(‏رحم اللّه لوطاً‏)‏ اسم أعجمي وصرف مع العجمة والعلمية وهو ابن هاران أو هارون أخي إبراهيم وهذا تمهيد وتقدمة للخطاب المزعج كما في قوله ‏{‏عفا اللّه عنك لم أذنت لهم‏}‏ ‏(‏كان يأوي‏)‏ لفظ رواية البخاري لقد كان يأوي أي يأوي في الشدائد ‏(‏إلى ركن شديد‏)‏ أي أشد وأعظم وهو اللّه تعالى فإنه أشد الأركان وأعظمها وأصل ذلك أن قومه ابتدعوا وطء الذكور فدعاهم إلى الإقلاع عن الفاحشة فأصروا على الامتناع ولم يتفق أن يساعده منهم أحد فلما أراد اللّه إهلاكهم بعث جبريل وميكائيل وإسرافيل فاستضافوه فخاف عليهم من قومه وأراد أن يخفي عليهم خبرهم فنمت عليهم امرأته فجاءه وعاتبوه على كتمانه أمرهم فقال‏:‏ ‏{‏لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد‏}‏ أي لو أن لي منعة وأقارب وعشيرة أستنصر بهم عليكم ليدفعوا عن ضيفاني قال القاضي‏:‏ كأنه استغرب منه هذا القول وعده نادرة إذ لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوي إليه وهو عصمة اللّه وحفظه وقال غيره‏:‏ ترحم عليه لسهوه في ذلك الوقت حتى ‏[‏ص 21‏]‏ ضاق صدره فقال‏:‏ ‏{‏أو آوي إلى ركن شديد‏}‏ أي إلى عز العشيرة، وهو كان يحب الإيواء إلى اللّه وهو أشد الأركان وقال النووي‏:‏ يجوز أنه لما اندهش بحال الأضياف قال ذلك أو أنه التجأ إلى اللّه في باطنه وأظهر هذا القول للأضياف اعتذاراً وسمى العشيرة ركناً لأن الركن يستند إليه ويمتنع له فشبههم بالركن من الحبل لشدتهم ومنعتهم ‏(‏وما بعث اللّه بعده نبياً إلا كان في ثروة‏)‏ أي كثرة ومنعة ‏(‏من قومه‏)‏ تمنع منه من يريده بسوء وتنصره وتحوطه واستشكل بآية ‏{‏فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين‏}‏ ولو كانوا في منعة لما قتلوا منهم ببيت المقدس في يوم واحد ثلاث مئة في التقييد بعدية لوط إلاحة بأنه لم يكن في منعة بشهادة ‏{‏لو أن لي بكم قوة‏}‏‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في أخبار الأنبياء ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال‏:‏ على شرط مسلم وأقره الذهبي‏.‏

4416 - ‏(‏رحم اللّه حمير‏)‏ ابن سبأ بن بشخب بن يعرب بن قحطان أبو قبيلة من اليمن ‏(‏أفواههم سلام وأيديهم طعام‏)‏ يعني أفواههم لم تزل ناطقة بالسلام على كل من لقيهم إيناساً وجبراً وأيديهم ممتدة بمناولة الطعام للضيف والجائع فجعل الأفواه والأيدي نفس السلام والطعام لمزيد المبالغة ‏(‏وهم أهل أمن وإيمان‏)‏ أي الناس آمنون من أيديهم وألسنتهم وقلوبهم مطمئنة بالإيمان مملوءة بنور الإيقان بعيدة من الشقاق نفورة من النفاق‏.‏

- ‏(‏حم ت عن أبي هريرة‏)‏ قال رجل‏:‏ يا رسول اللّه العن حميراً، فأعرض عنه مراراً فذكره‏.‏

4417 - ‏(‏رحم اللّه خرافة‏)‏ بضم الخاء المعجمة وفتح المهملة ‏(‏إنه كان رجلاً صالحاً‏)‏ اسم رجل من عذرة استهوته الجن وحدّث بما رأى فكذبوه وقالوا‏:‏ حديث خرافة وجعلوه على كل ما يكذبونه وكل ما يستملح أو يتعجب منه، روى الترمذي عن عائشة قالت‏:‏ حدث النبي صلى اللّه عليه وسلم نساءه بحديث فقالت امرأة منهن‏:‏ كأنه حديث خرافة فقال‏:‏ أتدري ما خرافة‏؟‏ إن خرافة كان رجلاً من عذرة أسرته الجن فمكث دهراً ثم رجع فكان يحدث بما رأى فيهم من الأعاجيب فقال الناس‏:‏ حديث خرافة، وخرَّج ابن أبي الدنيا في ذمِّ البغي عن أنس قال‏:‏ اجتمع نساء النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فجعل يقول الكلمة كما يقول الرجل عند أهله فقالت إحداهن‏:‏ كأن هذا حديث خرافة فقال‏:‏ أتدرون ما خرافة‏؟‏ إنه كان رجلاً صالحاً من عذرة أصابته الجن فكان فيهم حيناً فرجع فجعل يحدث بأحاديث لا تكون في الإنس، فحدث أن رجلاً من الجن كانت له أمّ فأمرته أن يتزوج فذكر قصة طويلة قال ابن حجر‏:‏ ورجاله ثقات إلا سحنة بن معونة فلم أعرفه‏.‏

- ‏(‏الفضل‏)‏ بن محمد بن يعلى بن عامر الضبي بفتح المعجمة وشد الموحدة نسبة إلى ضبة أبي إدّ الكوفي كان علامة راوية للأدب ثقة ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الأمثال‏)‏ قال‏:‏ ذكر إسماعيل بن أبان عن زياد البكالي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن عبد الرحمن قال‏:‏ سألت أي يعني عبد الرحمن بن عبد اللّه بن مسعود عن حديث خرافة فقال‏:‏ بلغني ‏(‏عن عائشة‏)‏ أنها قالت‏:‏ قلت للنبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم حدثني بحديث خرافة فقال‏:‏ رحم اللّه خرافة إنه كان رجلاً صالحاً وإنه أخبرني أنه خرج ليلة لبعض حاجته فلقيه ثلاثة من الجن فأسروه فقال واحد‏:‏ نستعبده وقال آخر‏:‏ نقتله وقال آخر‏:‏ نعتقه، فمرَّ بهم رجل منهم فذكر قصة طويلة‏.‏ هذا كله من رواية المفضل عن عائشة فاقتصر المصنف على الجملة الأولى وحذف ما بعدها قال الحافظ ابن حجر‏:‏ ولم أر من ذكر خرافة في الصحابة لكن هذا الحديث يدل عليه‏.‏

‏[‏ص 22‏]‏ 4418 - ‏(‏رحم اللّه الأنصار‏[‏أي أنصار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واللام للعهد جمع ناصر كأصحاب وصاحب أو جمع نصير كأشراف وشريف وهم أهل المدينة خصوا بهذا الاسم دون غيرهم من الصحابة لما فازوا به دون غيرهم حيث آثروه وأصحابه على أنفسهم في المنازل والأموال وعادوا جميع الفرق الموجودين من عرب ومن عجم بسببه وبسبب أصحابه فلهذا كان يحبهم وسماهم بالأنصار وحذر من بغضهم وجعله علامة النفاق ورغب في حبهم حتى جعل ذلك علامة الإيمان تنويهاً لعظيم فضلهم وفي صحيح مسلم‏:‏ لا يبغض الأنصار رجل يؤمن باللّه واليوم الآخر، وهذا الحكم أيضاً جار في كل الصحابة إذ كل واحد منهم له سابقة وسالفة وعناء في الدين فحبهم لذلك المعنى محض الإيمان وبغضهم محض النفاق لكن خص الأنصار بذلك لما ذكرنا من إيوائهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن معه ولمحبته في الأنصار قال‏:‏ ‏"‏ولولا الهجرة لكنت رجلاً من الأنصار ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها‏"‏ وعن أنس ‏"‏إن الأنصار اجتمعوا فقالوا‏:‏ إلى متى نشرب هذه الآبار فلو أتينا النبي صلى اللّه عليه وسلم فيدعو لنا أن يفجر لنا هذه الجبال عيوناً فجاءوا بجماعتهم إليه صلى اللّه عليه وسلم فلما رآهم قال‏:‏ مرحباً وأهلاً لقد جاء بكم إلينا حاجة قالوا‏:‏ أي واللّه يا رسول اللّه قال‏:‏ فإنكم لن تسألوني اليوم شيئاً إلا أوتيتموه ولا أسأل اللّه شيئاً إلا أعطانيه فأقبل بعضهم على بعض وقالوا‏:‏ الدنيا تريدون‏؟‏ اطلبوا الآخرة فقالوا بجماعتهم‏:‏ يا رسول اللّه ادع اللّه أن يغفر لنا فقال‏:‏ اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار وفي رواية ولنساء الأنصار ولنساء أبناء الأنصار وفي رواية ولجيران الأنصار‏]‏‏)‏ الأوس والخزرج غلبت عليهم الصفة ‏(‏وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار‏)‏ في رواية وأزواجهم وذرياتهم وفي أخرى وموالي الأنصار وهذا دعاء أو خبر وذلك لما لأصولهم من القيام في نصرة الدين وإيواء المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ومن معه حال شدة الخوف والضيق والعسرة وحمايتهم له حتى بلغ أوامر ربه وأظهر الدين وأسس قواعد الشريعة فعادت مآثرهم الشريفة على أبنائهم وذرياتهم ومن ثم أكد الوصية بهم في غير ما حديث‏.‏

- ‏(‏ه عن عمرو بن عوف‏)‏ بن يزيد بن ملحة المزني ورواه عنه أيضاً الطبراني وفيه كثير بن عبد اللّه بن عمرو المزني وهو ضعيف وقد حسن له الترمذي وبقية رجاله ثقات‏.‏

4419 - ‏(‏رحم اللّه المتخللين والمتخللات‏[‏دعا لهم بالرحمة لاحتياطهم في العبادة فيتأكد الاعتناء به للدخول في دعوة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏]‏‏)‏ أي الرجال والنساء المتخللين من آثار الطعام والمخللين شعورهم في الطهارة فإن ذلك سنة مؤكدة‏.‏

- ‏(‏هب عن ابن عباس‏)‏ وفيه قدامة بن محمد المديني قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ وخرجه ابن حبان وإسماعيل بن شيبة قال الأزدي والنسائي‏:‏ منكر الحديث، ومن ثم قال البيهقي عقب تخريجه‏:‏ فيه نظر‏.‏

4420 - ‏(‏رحم اللّه المتخللين من أمتي‏)‏ أمة الإجابة ‏(‏في الوضوء‏)‏ أي والغسل ‏(‏و‏)‏ في ‏(‏الطعام‏)‏‏[‏أحاديث التخليل المشروحة‏:‏ 85، 3267، 3671، 3672، 3673، 3938، 3939، 3940، 3941، 4419، 4420، 6624، 6625، 9022‏]‏ وفي رواية ‏"‏من‏"‏ بدل ‏"‏في‏"‏، شمل الحديث المحرم فيندب له التخليل لكن برفق، دعا له بالرحمة لمتابعة أدب السنة، وليفعل ذلك كل مقصر رجاء دعوته، والتخليل من الطعام تتبع ما بقي بين الأسنان ليخرجه بالخلال لئلا يبقى فينتن ريح الفم ويتأذى به من يناجيه فدعا له بالرحمة لاحتياطه للعبادة والأدب والحرمة وليقتدي به كل من علمه‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري قال شارحه‏:‏ حسن غريب ورواه عنه الديلمي‏.‏

4421 - ‏(‏رحم اللّه المتسرولات من النساء‏)‏ أي اللذين يلبسون السراويل بقصد السترة فهو لهنّ سنة مؤكدة محافظة على ستر ‏[‏ص 23‏]‏ عوراتهن ما أمكن‏.‏

- ‏(‏قط في الأفراد ك في تاريخه‏)‏ تاريخ نيسابور من حديث محمد بن القاسم العتكي عن محمد بن شاذان عن بشر بن الحكم عن عبد المؤمن بن عبد اللّه عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ‏(‏هب‏)‏ قال‏:‏ حدثنا الحاكم إسناده هذا ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ بينا النبي صلى اللّه عليه وسلم جالس بالمسجد مرَّت امرأة على دابة فلما حاذته عثرت بها فأعرض النبي صلى اللّه عليه وسلم فقيل‏:‏ متسرولة فذكره وفيه من لا يعرف ‏(‏خط في كتاب المتفق والمفترق‏[‏هما ما اتفق لفظاً وخطاً وأقسامه كثيرة منها أبو عمرو الجوني اثنان أحدهما عبد الملك بن حبيب التابعي والثاني اسمه موسى بن سهيل مصري سكن بغداد روى عن هشام بن عمار وغيره‏.‏ وللمتحدثين أيضاً المؤتلف والمختلف وهو ما يتفق في الخط صورته ويختلف في اللفظ صفته كعثام بن علي وغنام بن أوس ويسير بن عمرو وبشير بن بشار‏]‏‏)‏ من حديث أبي بكر الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن بشر بن بشار عن سهل بن عبد الواسطي عن يوسف بن زياد عن عبد الرحمن ‏(‏عن سعد بن طريف‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ سعد بن طريف ذكره الخطيب في المتفق والمفترق وقال‏:‏ يقال له صحبة ثم روى له هذا الحديث وقال‏:‏ لم أكتبه إلا من هذا الوجه وفي إسناده غير واحد من المجهولين وقال ابن الجوزي‏:‏ جعل الخطيب سعداً هذا من الصحابة وفرق بينه وبين سعد من طريق الإسكاف ولا أراه إلا هو وليس في الصحابة من اسمه سعد بن طريف وكان الإسكاف وضاعاً للحديث ويوسف بن زياد قال الدارقطني‏:‏ مشهور بالأباطيل فالحديث موضوع اهـ‏.‏ ونازعه المؤلف في دعواه وضعه ‏(‏عق‏)‏ من حديث إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن محمد بن مسلم الطائفي عن الصباح بن مجاهد ‏(‏عن مجاهد بلاغاً‏)‏ أي أنه قال‏:‏ بلغني أن امرأة سقطت عن دابتها فانكشفت والنبي صلى اللّه عليه وسلم قريب منها فأعرض فقيل‏:‏ عليها سراويل فذكره ومحمد بن مسلم ضعفه أحمد ووثقه غيره‏.‏

4422 - ‏(‏رحم اللّه امرءاً اكتسب طيباً‏)‏ أي حلالاً ‏(‏وأنفق قصداً‏)‏ أي بتدبير واعتدال من غير إفراط ولا تفريط ‏(‏وقدم فضلاً‏)‏ أي ما فضل عن اتفاق نفسه ومموّنه بالمعروف بأن تصدق به على المحتاج ليدخره ‏(‏ليوم فقره وحاجته‏)‏ وهو يوم القيامة‏.‏ قدم ذكر الطيب إيماء إلى أنه لا ينفعه يوم الجزاء عند اللّه إلا ما أنفقه من الحلال قال الحرالي‏:‏ ولذلك لم يأذن اللّه لأحد في أكله حتى يتصف بالطيب للناس الذين هم أدنى المخاطبين بانسلاخ أكثرهم من العقل والشكر والإيمان ومحى اسمه عن الذين آمنوا ‏{‏كلوا من طيبات ما رزقناكم‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخ بغداد ‏(‏عن عائشة‏)‏‏.‏

4423 - ‏(‏رحم اللّه امرءاً أصلح من لسانه‏)‏ بأن تجنب اللحن أو بأن ألزمه الصدق وجنبه الكذب حث على إصلاح الألسن بدعائه له بالرحمة وإصلاحه من وجهين أحدهما إصلاح نطقه بالعربية ولسان العرب أشرف الألسنة سميت عربية لإعرابها عن الأشياء وأفصحها عن الحقائق ما لم يفصح غيرها وجميع العلوم مفتقرة إليها سيما الشرعية فلا يدرك حقائق الكتاب والسنة إلا بوفور الحظ منها وروى بعض المحدثين أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نهى عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة بسكون اللام ثم قال مخاطباً بعض العلماء‏:‏ لي منذ عشرين سنة ما حلقت رأسي قبلها لهذا النعي فقال‏:‏ هذا تصحيف والحلق محركاً أي نهى أن يتحلق الناس قبل الجمعة وقيل‏:‏ إن النصارى كفرت بتصحيف كلمة أوحى اللّه إلى عيسى أنا ولدتك بالتشديد فخففوا الثاني إصلاح اللسان بالتقوى وإدامة ذكر اللّه أو الخير والتنزه عن كل ما يقبح شرعاً أو عادة حتى يصلح لسانه فلا ينطق إلا بخير قال الحكماء‏:‏ الخرس خير من الكذب وصدق ‏[‏ص 24‏]‏ اللسان أول السعادة وقال بعض البلغاء‏:‏ لا سيف كالحق ولا عون كالصدق والكذب جماع كل شر‏.‏

- ‏(‏ابن الأنباري‏)‏ بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الموحدة ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الوقف‏)‏ والابتداء ‏(‏والموهبي‏)‏ بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء والموحدة نسبة إلى موهب بطل من المغافر ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏العلم عد خط في الجامع‏)‏ لآداب المحدث والسامع كلهم ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب وسببه أنه مر بقوم رموا رشفاً فأخطأوا فقال‏:‏ ما أسوأ رميكم قالوا‏:‏ نحن متعلمين قال‏:‏ لحنكم أشد عليّ من رميكم سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره ورواه عنه أيضاً البيهقي في الشعب باللفظ المزبور وكأنه أغفله ذهولاً وأورده في الميزان في ترجمة عيسى بن إبراهيم وقال‏:‏ هذا ليس بصحيح ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ حديث لا يصح‏.‏

4424 - ‏(‏رحم اللّه امرءاً صلى قبل العصر أربعاً‏)‏ قال ابن قدامة‏:‏ هذا ترغيب فيه لكنه لم يجعلها من السنن الرواتب بدليل أن ابن عمر راويه لم يحافظ عليها وقال الغزالي‏:‏ يستحب استحباباً مؤكداً رجاء الدخول في دعوة النبي صلى اللّه عليه وسلم فإن دعوته مستجابة لا محالة‏.‏

- ‏(‏د ت‏)‏ وحسنه ‏(‏حب‏)‏ وصححه كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن القيم‏:‏ اختلف فيه فصححه ابن حبان وضعفه غيره وقال ابن القطان‏:‏ سكت عليه عبد الحق مسامحاً لكونه من رغائب الآمال وفيه محمد بن مهيان وهاه أبو زرعة وقال الفلاس‏:‏ له مناكير منها هذا الخبر‏.‏

4425 - ‏(‏رحم اللّه امرءاً تكلم فغنم‏)‏ بسبب قوله الخير ‏(‏أو سكت‏)‏ عما لا خير فيه ‏(‏فسلم‏)‏ بسبب صمته عن ذلك وأفهم بذلك أن قول الخير خير من السكوت لأن قول الخير ينتفع به من يسمعه والصمت لا يتعدى صاحبه وهذا الحديث قد عده العسكري وغيره من الأمثال‏.‏

قال ابن عربي‏:‏ أمراض النفس قولية وفعلية وتفاريع القولية كثيرة لكن عللها وأدويتها محصورة في أمرين الواحد أن لا تتكلم إذا اشتهيت أن تتكلم والآخر أن لا تتكلم إلا فيما إن سكت عنه عصيت وإلا فلا وإياك والكلام عند استحسان كلامك فإنه حالتئذ من أكبر الأمراض وما له دواء إلا الصمت إلا أن نجبر على رفع الستر وهذا هو الضابط اهـ‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ ابن مالك ‏(‏وعن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ في سند المرسل رجاله ثقات والمسند فيه ضعف فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين‏.‏

4426 - ‏(‏رحم اللّه عبداً قال‏)‏ أي خيراً ‏(‏فغنم‏)‏ ثواباً ‏(‏أو سكت فسلم‏)‏ من العقاب قال الديلمي‏:‏ قال ذلك ثلاثاً وعليه قيل‏:‏

وأمسكت إمساك الغبي وإنني * لأنطق من طير غداً فارق عشراً ‏؟‏‏؟‏‏[‏‏"‏فارق عشرا‏"‏‏:‏ هذه العبارة غير مقروءة في الأصل، وهي بحاجة إلى تصحيح، فليراجع‏.‏ دار الحديث‏]‏

‏(‏وقيل‏)‏‏:‏

تأمل فلا تستطيع رد مقالة * إذا القول في زلاته فارق الغما

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ ابن حبان عن أبي أمامة ورواه عنه أيضاً الديلمي ثم قال‏:‏ وفي الباب أنس‏.‏

4427 - ‏(‏رحم اللّه عبداً قال خيراً فغنم أو سكت عن سوء فسلم‏)‏ قال الماوردي‏:‏ يشير به إلى أن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ويخبر بمكنونات السرائر لا يمكن استرجاع بوادره ولا يقدر على دفع شوارده فحق على العاقل أن يحترز من زلله بالإمساك عنه أو الإقلال منه قال علي كرم اللّه وجهه‏:‏ اللسان معيار إطاشة الجهل وأرجحه العقل‏.‏

- ‏(‏ابن المبارك‏)‏ في الزهد وكذا الخرائطي في مكارم الأخلاق ‏(‏عن خالد بن أبي عمران مرسلاً‏)‏ هو التجيبي التونسي ‏[‏ص 25‏]‏ قاضي إفريقية عن عروة وغيره قال الذهبي‏:‏ صدوق فقيه عابد مات سنة تسع وثلاثين ومئة‏.‏

4428 - ‏(‏رحم اللّه امرءاً علق في بيته سوطاً يؤدب به أهله‏)‏ أي من أساء الأدب منهم ولا يتركهم هملاً وقد يكون التأديب مقدماً على العفو في بعض الأحوال وإنما قال علق ولم يقتصر على قوله أدًّب مع كونه أحضر إيذاناً بأنه لا يضرب أو لا يزجر ويهدد ويحضر لهم آلة الضرب فإن نجع ذلك فيهم لا يتعداه لحصول الغرض وإلا ضرب ويتقي الوجه والمقاتل ولا يقصد بضربه تشفياً ولا انتقاماً وإلا عاد وباله عليه‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ من حديث عباد بن كثير الثقفي عن أبي الزبير ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وظاهر صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل أعله بكثير هذا ونقل تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم‏.‏

4429 - ‏(‏رحم اللّه أهل المقبرة‏)‏ بتثليث الباء اسم للموضع الذي تقبر فيه الأموات أي تدفن قال ذلك ثلاثاً فسئل عن ذلك فقال‏:‏ ‏(‏تلك مقبرة تكون بعسقلان‏)‏ بفتح فسكون بلد معروف واشتقاقه من العساقيل وهو السراب أو من العسقيل وهو الحجارة الضخمة كذا في معجم البلدان قال الحافظ ابن حجر‏:‏ وكان عطاء راوي هذا الخبر يرابط بها كل عام أربعين يوماً حتى مات يعني أنه يستشهد جماعة فيدفنون في مقبرة فيها وهذا علمه من طريق الكشف‏.‏

- ‏(‏ص‏)‏ عن إسماعيل بن عياش ‏(‏عن عطاء الخراساني‏)‏ نسبة إلى خراسان بلد مشهور قال الجرجاني‏:‏ معنى خور كل وسان معناه سهل أي كل بلا تعب، وقال غيره‏:‏ معناه بالفارسية مطلع الشمس، والعرب إذا ذكرت المشرق كله قالوا فارس فخراسان فارس كذا في المعجم ‏(‏بلاغاً‏)‏ أي أنه قال بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ذلك وعطاء هو ابن أبي مسلم مولى الملهب بن أبي صعرة قال ابن حجر‏:‏ صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدنس أرسل عن معاذ وأضرابه وروي عن عكرمة والطبقة وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات فتعقبه ابن حجر في القول المسدد بأنه حديث في فضائل الأعمال والتحريض على الرباط فليس فيه ما يحيله الشرع ولا العقل فالحكم عليه بالبطلان لا يتجه وطريقة الإمام أحمد معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل دون الأحكام وقد ورد معناه في خبر مسند متصل عند أبي يعلى والبزار بلفظ إن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم استغفر وصلى على أهل مقبرة بعسقلان وفي خبر الطبراني إذا دارت الرحى في أمتي كان أهلها أي عسقلان في خير وعافية‏.‏

4430 - ‏(‏رحم اللّه حارس الحرس‏)‏ بفتح الحاء والراء اسم الذي يحرس والحارس الحافظ وفي رواية بدله الجيش وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله وكأنه وهم بل بقيته كما في الفردوس وغيره الذين يكونون بين الروم وعسكر المسلمين ينظرون لهم ويحذرونهم انتهى‏.‏

‏(‏ه ك‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

4431 - ‏(‏رحم اللّه‏)‏ هو ماضي بمعنى الطلب ‏(‏رجلاً قام من الليل‏)‏ أي بعد النوم إذ لا يسمى تهجداً إلا صلاة بعد نوم ‏(‏فصلى‏)‏ أي ولو ركعة لخبر عليكم بصلاة الليل ولو ركعة ‏(‏وأيقظ امرأته‏)‏ في رواية أهله وهي أعم ‏(‏فصلت فإن أبت‏)‏ أن تستيقظ ‏(‏نضح‏)‏ أي رش ‏(‏في وجهها الماء‏)‏ ونبه به على ما في معناه من نحو ماء ورد أو زهر ‏[‏أو منشفة صغيرة مبللة‏.‏ ويقول كاتب هذه الحاشية من دار الحديث‏:‏ إني استيقظت مرة بعد أن نضح الماء على وجهي كما ذكر في هذا الحديث، فكان ذلك الاستيقاظ رغم شدة ثقل نومي يومها، أسهل وأسرع وألطف ما أذكره على الإطلاق‏.‏ ثم جربته على أحد أولادي وكان صعب الاستيقاظ، فقام للحظته قائلا ‏"‏شكرا‏"‏‏.‏ فصلى الله على من علمنا الخير ودلنا إلى ألطف وأنجح السبل في ديننا ودنيانا، آمين‏)‏‏.‏

وخص الوجه بالنضح لشرفه، ولأنه محل الحواس التي بها يحصل الإدراك‏.‏ وفيه ندب أمر الزوجة بالصلاة ‏(‏الفريضة والنافلة‏)‏، وإيقاظها لذلك، وعكسه‏.‏ دار الحديث‏]‏ وخص الوجه بالنضح لشرفه ولأنه محل الحواس التي بها يحصل الإدراك وفيه ندب أمر الزوجة بالصلاة وإيقاظها لذلك وعكسه‏.‏ ‏(‏رحم اللّه امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإذا أبى نضحت في وجهه الماء‏)‏ أفاد كما قال الطيبي ‏[‏ص 26‏]‏ أن من أصاب خيراً ينبغي أن يحب لغيره ما يحب لنفسه فيأخذ بالأقرب فالأقرب فقوله رحم اللّه رجلاً فعل كذا تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم وذلك أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما نال ما نال بالتهجد من الكرامة أراد أن يحصل لأمته حظ من ذلك فحثهم عليه عادلاً عن صيغة الأمر للتلطف‏.‏

- ‏(‏حم د ن ه حب ك عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم وتعقب بأن فيه محمد بن عجلان تكلم فيه قوم ووثقه آخرون قال النووي بعد عزوه لأبي داود‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

4432 - ‏(‏رحم اللّه رجلاً‏)‏ مات و ‏(‏غسلته امرأته وكفن في أخلاقه‏)‏ أي ثيابه التي أشرفت على البلى وفعل ذلك بأبي بكر غسلته امرأته أسماء وكفن في ثيابه التي كان يتبذلها كذا في سنن البيهقي‏.‏

- ‏(‏هق عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس بصواب فقد قال الذهبي‏:‏ إسناده ضعيف فيه الحكم بن عبد اللّه تركوه‏.‏

4433 - ‏(‏رحم اللّه عبداً‏)‏ أي إنساناً ‏(‏كانت لأخيه عنده مظلمة‏)‏ بكسر اللام على الأشهر وحكى الضم والفتح وأنكر ‏(‏في عرض‏)‏ بالكسر محل المدح والذم من الإنسان كما سبق ‏(‏أو مال‏)‏ بسائر أصنافه ‏(‏فجاءه فاستحله قبل أن يؤخذ‏)‏ أي تقبض روحه ‏(‏وليس ثم‏)‏ أي هناك يعني في القيامة ‏(‏دينار ولا درهم‏)‏ ليقضي منه ما عليه ‏(‏فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته‏)‏ فيوفى منها لصاحب الحق ‏(‏وإن لم تكن له حسنات‏)‏ أو لم توفي وبقيت عليه بقية ‏(‏حملوا عليه من سيئاتهم‏)‏ أي ألقي عليه أصحاب الحقوق من ذنوبهم التي اجترحوها بقدر حقوقهم ثم يقذف في النار كما صرح به في عدة أخبار وهذا الحديث خرجه مسلم بمعناه من وجه آخر وهو أوضح سياقاً ولفظه المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصدقة وصلاة وزكاة ويأتي قد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار ولا يعارض ذلك ‏{‏ولا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الحق تعالى في عباده وقد تعلق بعض الذاهبين إلى صحة الإبراء من المجهول بهذا الحديث وقال ابن بطال‏:‏ بل فيه حجة لاشتراط التعيين لأن قوله مظلمة يقتضي كونها معلومة القدر وقال ابن المنير‏:‏ إنما وقع في الخبر حيث يقتص المظلوم من الظالم حتى يأخذ منه بقدر حقه وهذا متفق عليه إنما الخلاف فيما لو أسقط المظلوم حقه في الدنيا هل يشترط معرفة قدره والحديث مطلق‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لصحته وظاهر صنيعه أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وإلا لما عدل عنه وهو ذهول عجيب فقد رواه سلطان المحدثين البخاري مع خلف لفظي لا يصلح عذراً للعدول‏.‏

4434 - ‏(‏رحم اللّه عبداً‏)‏ دعاء أو خبر وقرينة الاستقبال المستفاد من إذا تجعله دعاء ‏(‏سمحاً‏)‏ بفتح فسكون جواداً أو مساهلاً غير مضايق في الأمور وهذا صفة مشبهة تدل على الثبوت ولذا كرر أحوال البيع والشراء والتقاضي حيث قال‏:‏ ‏(‏إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا قضى‏)‏ أي وفى ما عليه بسهولة ‏(‏سمحاً إذا اقتضى‏)‏ أي طلب قضاء حقه ‏[‏ص 27‏]‏ وهذا مسوق للحث على المسامحة في المعاملة وترك المشاححة والتضييق في الطلب والتخلق بمكارم الأخلاق وقال القاضي‏:‏ رتب الدعاء على ذلك ليدل على أن السهولة والتسامح سبب لاستحقاق الدعاء ويكون أهلاً للرحمة والاقتضاء والتقاضي وهو طلب قضاء الحق‏.‏ وقال ابن العربي‏:‏ فإن كان سيء القضاء حسن الطلب فمطله بما عليه يحسب له في مقابله صبره بماله على غيره‏.‏

- ‏(‏خ ه‏)‏ في البيع ‏(‏عن جابر‏)‏ مطولاً ومختصراً‏.‏

4435 - ‏(‏رحم اللّه قوماً يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى‏)‏ وإنما الذي ظهر على وجوههم من التغيير من استيلاء هيبة الجلال على قلوبهم وغلبة سلطان الخوف والقهر على أفئدتهم‏.‏

- ‏(‏ابن المبارك‏)‏ في الزهد ‏(‏عن الحسن البصري مرسلاً‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ ورواه أحمد موقوفاً على عليٍّ‏.‏

4436 - ‏(‏رحم اللّه موسى‏)‏ بن عمران كليم الرحمن ‏(‏قد أوذي بأكثر من هذا‏)‏ الذي أوذيت به أي آذاه قومه بأشد مما أوذيت به من تشديد فرعون وقومه وإبائه عليهم وقصده إهلاكه بل ومن تعنت من آمن معه من بني إسرائيل حتى رموه بداء الأدرة واتهموه بقتل أخيه هارون لما مات معه في التيه بعد ما رأوا من معجزاته الحسية العجائب مما جاء به التنزيل من فظاظتهم وسوء طباعهم وفحش أخلاقهم ‏(‏فصبر‏)‏ قيل‏:‏ لما سلك بهم البحر قالوا له‏:‏ إن صحبنا لا نراهم فقال‏:‏ سيروا فإنهم على طريق كطريقكم قالوا‏:‏ لا نرضى حتى نراهم فقال‏:‏ اللهم أعني على أخلاقهم السيئة ففتحت لهم كوات في الماء فتراموا وتسمعوا وهذا قاله النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قال رجل يوم حنين‏:‏ واللّه إن هذه لقسمة ما عدل فيها ولا أريد بها وجه اللّه فتغير وجهه ثم ذكره ‏[‏وقال ناس من الأنصار‏:‏ يغفر اللّه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطي قريشاً ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فحدث بمقالتهم فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع أحداً غيرهم فلما اجتمعوا قال‏:‏ ما كان حديث بلغني عنكم قال له بلغاؤهم وفقهاؤهم‏:‏ أما ذوو رأينا فلم يقوا شيئاً وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا‏:‏ يغفر اللّه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطي قريشاً ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا‏:‏ بلى يا رسول اللّه قد رضينا فقال لهم‏:‏ إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض‏.‏‏[‏تنبيه‏:‏ هذه الحاشية لم يذكر رقمها في ضمن شرح المناوي، فوضعناه في أكثر مكان مناسبة -دار الحديث‏]‏ وكان كلامه هذا شفقة عليهم ونصحاً في الدين لا تهديداً وتثريباً إيثاراً لحق اللّه على نفسه في ذلك المقام الذي هو عقب الفتح وتمكن السلطان الذي يتنفس فيه المكروب وينفث المصدور ويتشفى المغيظ المحنق ويدرك ثأره المؤثر فللّه أخلاق الأنبياء ما أوطأها وأسمحها وللّه عقولهم ما أرزنها وأرجحها قال الزمخشري‏:‏ وفيه تسلية للعالم لما يلقى من الجهلة وقال الغزالي‏:‏ كما لا تخلو الأنبياء من الابتلاء بالمعاندين فكذا لا تخلو الأولياء والعلماء عن الابتلاء بالجاهلين فقلما انفك ولي أو عالم عن ضروب من الإيذاء بنحو إخراج من بلدة وسعاية إلى سلطان وشهادة عليه حتى بالكفر فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا فعلى العلماء العدل والقيام بنواميس الشريعة والصدع بالحق عند السلطان وإظهار السنن وإخماد البدع والقيام للّه في أمور الدين ومصالح المسلمين وتحمل الأذى المترتب على ذلك ولا يرضون من فعالهم الظاهرة والباطنة بالجائز بل يأخذون بأحسنها وأكملها فإنهم القدوة والمرجع في الأحكام وحجة اللّه على العوام‏.‏

- ‏(‏حم ق عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ لما كان يوم حنين آثر النبي صلى اللّه عليه وسلم أناساً في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مئة من الإبل وأعطى عيينة بن حصين مثلها وأعطى أناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة فقال رجل‏:‏ واللّه إن هذه لقسمة ما عدل فيها ولا أريد بها وجه اللّه فقلت‏:‏ واللّه لأخبرن النبي صلى اللّه عليه وسلم فأتيته فأخبرته فقال‏:‏ ومن يعدل إذا لم يعدل اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم رحم اللّه موسى إلخ‏.‏

‏[‏ص 28‏]‏ 4437 - ‏(‏رحم اللّه يوسف‏)‏ النبي ‏(‏إن كان لذا أناةٍ حليماً لو كنت أنا المحبوس‏)‏ ولبثت في السجن هذه اللبثة ‏(‏ثم أرسل إلي لخرجت سريعاً‏)‏ مبادرة إلى الخلاص والاستراحة منه ولم أقل ‏{‏ارجع إلى ربك‏}‏ الآية وهذا قاله تواضعاً ورفعة لشأن يوسف وإيثاراً لإخباره بكمال فضيلته وحسن نظره في بيان نزاهته وحمداً لصبره وترك عجلته وتنبيهاً على أن الأنبياء وإن كانوا من اللّه بمكان لا يرام فهم بشر يطرأ عليهم من الأحوال ما يطرأ على غيرهم فلا يعد ذلك نقصاً‏.‏

- ‏(‏ابن جرير‏)‏ المجتهد المطلق المجمع على أمانته وجلاله في التهذيب ‏(‏وابن مردويه‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

4438 - ‏(‏رحم اللّه أخي يوسف لو أنا‏)‏ كنت محبوساً تلك المدة ‏(‏وأتاني الرسول‏)‏ يدعوني إلى الملك ‏(‏بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة‏)‏ أي إجابة رسول الملك الذي أخبر اللّه عنه بقوله ‏{‏فلما جاءه الرسول‏}‏ ‏(‏حين قال له ارجع إلى ربك‏)‏ أي سيدك ‏(‏فاسأله ما بال النسوة‏)‏ إلى آخر الآية وهذا من حسن تواضعه وثنائه على يوسف كما تقرر لا أنه كان عليه إثم أو تقصير لو كان محل يوسف عليه السلام لخرج مع الرسول وإنما أراد لم يكن يستثقل محنة اللّه فيعجل بل كان صابراً محتسباً مع طول أمد الحبس عليه‏.‏ قال في الكشاف‏:‏ إنما تأتي وتثبت في إجابة الملك وقدم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما سجن فيه لئلا يتسلق له الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ويجعلونه سلماً إلى حط منزلته لديه ولئلا يقولوا ما خلد في الحبس سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير فإن قيل‏:‏ إنما ذكر المصطفى هذا على جهة المدح ليوسف فما باله يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره قلنا‏:‏ إنما أخذ لنفسه وجهاّ آخر من أن الرأي وجه آخر أي لو كنت أنا لبادرت الخروج ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك وذلك أن هذه النقيصة والنوازل إنما هي معرضة ليقتدي الناس بها إلى يوم القيامة فأراد عليه السلام حمل الناس على الأحزم من الأمور دون التعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من ذلك السجن بما يفتح له ذلك من البقاء في سجنه وإن كان يوسف أمن من ذلك بعلمه من اللّه فغيره من الناس لا يأمن ذلك وقال بعضهم‏:‏ خاف يوسف أن يخرج من السجن فيناله من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحاً فيراه الناس بتلك المنزلة ويقولون هذا الذي راود امرأة مولاه فأراد بيان براءته وتحقيق منزلته‏.‏

- ‏(‏حم في‏)‏ كتاب ‏(‏الزهد وابن المنذر عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

4439 - ‏(‏رحم اللّه أخي يحيى‏)‏ سماه أخاً لأن نسب الدين أعظم من نسب الماء والطين ‏(‏حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير‏)‏ ابن سنتين أو ثلاث على ما في تاريخ الحاكم عن الحبر بسند واه وأصح منه أنه كان ابن ثمان ‏(‏فقال‏)‏ لهم ‏(‏أللعب ‏[‏ص 29‏]‏ خلقت‏)‏ استفهام إنكاري أي بل خلقت للعبادة وهي الآن مطلوبة مني لأن اللّه أحكم عقله في صباه وإذا كان هذا مقال من لم يبلغ الحنث ‏(‏فكيف بمن أدرك الحنث في مقاله‏)‏‏[‏أي صار قوله في حال صغره كقول من بلغ وكمل عقله أي لا يليق بي اللعب لأن اللّه تعالى أكمل عقلي في حال صباي ويحتمل أن يكون فكيف إلخ من كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ليس من كلام يحيى‏.‏‏]‏ وهذا يوضحه ما رواه ابن قتيبة من حديث ابن عمرو أن يحيى دخل بيت المقدس وهو ابن ثمان فنظر إلى العباد واجتهادهم فرجع إلى أبويه فمر في طريقه بصبيان يلعبون فقالوا‏:‏ هلم نلعب فقال‏:‏ إني لم أخلق للعب فذلك قوله تعالى ‏{‏وآتيناه الحكم صبياً‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل‏.‏

4440 - ‏(‏رحم اللّه من حفظ لسانه‏)‏ أي صانه عن التكلم فيما لا يعنيه قال الماوردي‏:‏ للكلام شروط لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها ولا يعرى من النقص إلا أن يستوعبها وهي أربعة‏:‏ الأول‏:‏ أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في جلب نفع أو دفع ضر الثاني‏:‏ أن يأتي به في محله ويتوخى به إصابة فرصة الثالث‏:‏ أن يقتصر منه على قدر حاجته الرابع‏:‏ أن يتخير اللفظ اللذي يتكلم به فهذه الأربعة متى أخلّ المتكلم بشروط منها فقد أخطأ ‏(‏وعرف زمانه‏)‏‏[‏أي زمن تكليفه الذي يجري عليه فيه القلم فيحذره أو أهل زمانه فيقتدي بصالحهم ويتباعد عن طالحهم‏]‏ أي ما يليق به فعمل على ما يناسبه ‏(‏واستقامت طريقته‏)‏ أي استعمل القصد في أموره كتب ابن عبد العزيز إلى ولده وقد بلغه أنه اتخذ خاتماً من فضة أما بعد فإنه قد بلغني عنك أنك اتخذت خاتماً من فضة فإذا وصلك كتابي فبعه واشتري به طعاماً وأطعمه الفقراء واتخذ خاتماً من حديد وانقش عليه ‏"‏رحم اللّه من عرف قدر نفسه فاستراح‏"‏‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ وفيه محمد بن زياد اليشكري الميموني قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال أحمد‏:‏ كذاب خبيث يضع الحديث وقال الدارقطني‏:‏ كذاب اهـ ورواه الحاكم أيضاً وعنه تلقاه الديلمي فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى‏.‏

4441 - ‏(‏رحم اللّه قساً‏)‏ بن ساعدة الأيادي عاش ثلاث مئة وثمانين سنة وقيل‏:‏ ست مئة قدم وفد إياد على النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسلموا فسألهم عنه فقالوا‏:‏ مات فقال‏:‏ ‏(‏كأني أنظر إليه‏)‏ بسوق عكاظ ‏(‏على جمل‏)‏ أحمر أورق أي يضرب إلى الخضرة كلون الرماد أو إلى سواد ‏(‏تكلم بكلام له حلاوة لا أحفظه‏)‏ فقال بعض القوم‏:‏ نحن نحفظه يا رسول اللّه فقال‏:‏ هاتوه فذكروا خطبته البديعة السابقة المشحونة بالحكم والمواعظ وهو أول من آمن بالبعث من الجاهلية وأول من قال أما بعد وأول من كتب من فلان إلى فلان‏.‏

- ‏(‏الأزدي‏)‏ نسبة إلى أزدشنوءة بفتح الهمزة وسكون الزاي وكسر المهملة وهو أزد بن الغوث بن نيث بن ملكان ‏(‏في الضعفاء عن أبي هريرة‏)‏ وورد من عدة طرق أخرى قال ابن حجر‏:‏ وكلها ضعيفة قال المصنف‏:‏ إذا ضم بعضها إلى بعض حكم بحسنه، فزعم ابن الجوزي وضعه غير سديد‏.‏